مُنْتَدَيَأتْ رٍجني ٌوٍأرٍجكَـ..,

ارحبؤ

أڪشَـخ وٍتعطـرٌ قبل لآتدخـْـل


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُنْتَدَيَأتْ رٍجني ٌوٍأرٍجكَـ..,

ارحبؤ

أڪشَـخ وٍتعطـرٌ قبل لآتدخـْـل

مُنْتَدَيَأتْ رٍجني ٌوٍأرٍجكَـ..,

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُنْتَدَيَأتْ رٍجني ٌوٍأرٍجكَـ..,.


2 مشترك

    مفهوم الصور

    мєšнσ
    мєšнσ
    [ ღ الإدَآرهـٌ ღ]


    عدد المساهمات : 139
    السٌّمعَة : 60
    تاريخ التسجيل : 29/10/2010
    الموقع : آلريآض ..

    مفهوم الصور Empty مفهوم الصور

    مُساهمة من طرف мєšнσ الجمعة أكتوبر 29, 2010 1:49 pm

    الصورة بين القديم والجديد:
    وبعد استعراض لجهود بعض القدامى من النقاد والمحدثين منهم، فإننا نقرر مع الناقد محمد حسن عبد الله هذا المبدأ: "ليس في الصورة قديم وجديد، وإنما في الصورة أصيل وزائف"(102)
    فالصورة قديمة قدم الإنسان المصور، وقدم الشعر، "فلقد تشكلت الصورة من قديم الزمان حتى قبل ظهور الصورة الفنية بزمن طويل تماماً مثلما ولدت اللحظة الجمالية في عمل الإنسان قبل الفن"(103)

    وأما أهم ما توصل الباحث إليه من نتائج، فيتمثل في:
    q أولاً: بعض النقاد سارع ونفى معرفة النقد القديم للصورة، وكانت آفته الحقيقية "استيراد المناهج والآراء الجاهزة دون استيعاب لخصوصية التراث العربي شعراً ونقداً"(104)
    وهم بذلك يتناسون أن " أية دراسة نقدية أو تحليل لعمل شعري لا ينبثق من منطق العمل نفسه، بل يأتيه من الخارج محكوم ليه بالإخفاق0 ذلك لا يعني أن الناقد مطالب بتحليل العمل الفني بذهن خالٍ من النظرية، أو بدون منهج، بل المقصود أن العمل الشعري هو الذي يحدد المنهج الأصلح لمعالجته، وأن المناهج تُستمد من دراسة الشعر واستيعاب خصائصه، ولا تحاكمه، أو تحكم عليه، وأنه ليس من منهج نقدي صارم حاد تُؤخذ مبادئه بحرفيتها وتُطبق قسراً وبدون مناقشة وعلى كل النصوص كأنها جميعاً سواء"(105)
    وكان على هؤلاء النقاد أن يعلموا "أن للأدب العربي خصوصيته التعبيرية، وللعصور المختلفة ميزاتها الفنية، وهي قناعة تدفع الناقد إلى التعامل معه بمنطق نقدي مغاير للمنطق الذي تُعالج به آداب أخرى تميزت بأساليب تعبيرية فنية مغايرة، وإن كان العدد الأكبر من نقادنا العرب في هذا العصر لم يدركوا بعد هذه الحقيقة، فظلوا يطبقون على الأدب العربي نظريات ومبادئ غريبة عن طبيعته"(106)

    q ثانياً: قد تتحقق الصورة مستوفية شروط روعتها، وهي تتكئ على الحقيقة وليس الخيال، فليست الصورة مرادفة للخيال، ولكننا "قد نصل إلى الصورة عن غير طريق المجاز"(107)
    وعندي أن الصورة الحقيقة لا يقوى على صوغها إلا الشاعر القدير؛ إذ هي أصعب من الصورة الخيالية، فالصورة "لا تلتزم ضرورة أن تكون الألفاظ والعبارات مجازية، فقد تكون العبارات حقيقية الاستعمال، وتكون مع ذلك دقيقة التصوير"(108)
    وتقول بشرى موسى صالح: "00فإذا كان كل مجاز صورة، فليست كل صورة مجازاً، فالحقيقة تشاطر المجاز دوره في التعبير الفني والتصوير، وأن القدرة على الإيحاء لا يختص بها المجاز وحده، ولذا عُدت الصورة المجازية نمطاً من أنماط الصورة لا نمطها الوحيد"(109)
    ويؤكد علي عشري زايد المعنى السابق مشترطاً الإيحاء في الصورة: "ومن الممكن ألا يكون في الصورة أي مجاز، ومع ذلك تكون صورة شعرية بكل المقاييس، وإيحائية كأغنى ما تكون الصورة الشعرية بالإيحاء، وتراثنا الشعري القديم والحديث حافل بكثير من الصور التي لا تقوم على أي مجاز لغوي، ومع ذلك ففيها من الطاقات الإيحائية ما ليس في كثير من الصور التي تقوم على المجاز المتكلف المفتعل"(110)

    q ثالثاً: النقاد المحدثون – بفعل الزمن والانفتاح على الآخر - أولوا الصورة عناية أكبر من القدماء0
    q رابعاً: كانت الصورة القديمة تميل إلى البساطة والوضوح؛ لأن كل شيء في بيئتهم كان بسيطاً، بينما صارت الصورة - في العصر الحديث – أكثر عمقاً، وتعقيداً0
    q خامساً: لا تزال الأنواع البلاغية التقليدية تمثل ركيزة هامة للصورة – على الرغم من هجوم بعض النقاد عليها – وقد أضاف إليها المحدثون الرمز والأسطورة0
    ولا شك أنهما – الرمز والأسطورة - أغنيا القصيدة بحيويتهما وأضفيا عليها روحاً جديدة، لأنها لا تتوقف عند مسار التجربة والموضوع، بل تتسع لإحداث نقلة في أفق الصورة الشعرية، بوصفها المجال الفني المتميز في إمكانية التحديث والابتداع، أكثر، ولكنهما – في رأي الباحث – لا ينهضان وحدهما لبناء الصورة، ولا بد من الاتكاء أولاً على الأشكال البلاغية المعروفة، وبخاصة التشبيه، والاستعارة، والكناية0
    والحقيقة – كما سبق أن أشرنا – أن كل الذين هاجموا البلاغة القديمة، واتهموها بالجمود والقصور سرعان ما عادوا إليها يحتمون بحصنها المنيع، فنعيم اليافي الذي هاجم البلاغة ووصفها بأنها أبنية متهدمة، ورفض طبيعتها ووظائفها، نجده يعود إليها، فبعد أن يستعرض مناهج دراسة الصورة: النفسي، والرمزي، والفني، نجده يفضل الأخير لأنه "يعتمد على الفهم البلاغي لمصطلح الصورة"(111)
    ويوضح أحد النقاد أن المنقذ من حالة انعدام الوزن هذه "فلن يتم ذلك إلا بالعودة إلى الدراسة النصية، وهذه العودة ليست ممكنة دون الاستناد إلى رصيد تراث البلاغة التي عينت موضوعها منذ قرون باعتباره مجموع الصفات التي تمنح النص صفة الشعرية"(112)
    ويقول الناقد نفسه: "لا مجال، ولا سبيل إلى القول: إن البلاغة ناقصة، وإن كانت تعاني من نقص، فلن تُستكمل إلا بالبلاغة، لا بغيرها، ويمكن أن نزعم أن البلاغة لا تنافس إلا البلاغة"(113)

    تعريف الصورة:
    وسوف نتعرض لتعريف الصورة عند بعض نقادنا المحدثين، ومنهم:

    أحمد حسن الزيات:
    يقول: "والمراد بالصورة: إبراز المعنى العقلي - أو الحسي – في صورة محسة، وهي خلق المعني والأفكار المجردة، أو الواقع الخارجي – من خلال النفس – خلقاً جديداً"(114)
    وتظهر في هذا التعريف ثقافة الزيات التراثية الواسعة، فهو يهتم بإبراز المعنى في صورة محسوسة، ولكنه يشترط أن يتم ذلك من خلال ذات المبدع ووجهة نظره الخاصة مع الإضافة والتجيد0

    أحمد الشايب:
    يرى أن الصورة: "هي المادة التي تتركب من اللغة بدلالتها اللغوية والموسيقية، ومن الخيال الذي يجمع بين عناصر التشبيه والاستعارة والكناية وحسن التعليل"(115)
    ويبين مقياس الصورة الجيدة: "هو قدرتها على نقل الفكرة والعاطفة بأمانة ودقة، والصورة هي العبارة الخارجية للحالة الداخلية، وهذا هو مقياسها الأصيل، وكل ما نصفها به من جمال إنما مرجعه إلى التناسب بينها وبين ما تصور من عقل الكاتب ومزاجه تصويراً دقيقاً خالياً من الجفوة والتعقيد، وفيه روح الأديب وقلبه كأنما نحادثه، ونسمعه كأنما نعامله"(116)

    وهذا القياس ذو أهمية جديرة بالتأمل، فالصورة - من جانب - قوة خلاقة قادرة على نقل الفكرة وإبراز العاطفة، وهي الشكل الخارجي المعبر عن الحالة النفسية للمنشئ وعن تفاعله الداخلي، وهي الضوء الكاشف عن كفاءة المبدع الفنية وروحه الشفافة الرقيقة نتيجة لإيجاده الملاءمة بين نقل الفكرة وتعبيرها النفسي أسلوبياً، وبها يتميز عقل المتكلم ويحكم عليها بالدقة والإبداع والتطوير دون وساطة أخرى، وإنما نقرأه تجسيداً ونسمعه تشخيصاً وإدراكاً من خلال هذا التناسب والارتباط الذي حققه في هذا العمل الأدبي أو ذاك، وهو الصورة . فالصورة عنده إيجاد للملاءمة والتناسب بين الفكر والأسلوب، أو اللغة والأحاسيس .
    ولعل هذا التحديد للصورة في تعريفها ومعناها ورؤية هويتها ومقياسها من أفضل التعاريف الفنية نظراً لما يحمله في تضاعيفه من الوضوح والمرونة والدقة العلمية0

    عبد القادر القط:
    يعرفها على أنها: "الشكل الذي تتخذه الألفاظ والعبارات بعد أن ينظمها الشاعر في سياق بياني خاص ليعبر عن جانب من جوانب التجربة الكاملة في القصيدة مستخدماً طاقات اللغة وإمكانياتها في الدلالة والتركيب والإيقاع والحقيقة والمجاز والترادف والتضاد والمقابلة والتجانس وغيرها من وسائل التعبير الفني"(117)
    ويظن الباحث أن هذا التعريف من أقرب التعريفات للصورة وأدقها؛ فلقد اجتمعت فيه وسائل التعبير والتصوير المتاحة للشاعر من الألفاظ والعبارات مع الانتفاع من طاقات اللغة الإيحائية، وكذلك لم يهمل البيان والبديع ودورهما في تشكيل الصورة0

    جابر عصفور:
    يرى أن الصورة «طريقة خاصة من طرق التعبير، أو وجه من أوجه الدلالة تنحصر أهميتها فيما تحدثه في معنى من المعاني من خصوصية وتأثير0 ولكن أياً كانت هذه الخصوصية أو ذاك التأثير، فإن الصورة لن تغير من طبيعة المعنى في ذاته . إنها لا تغير إلا من طريقة عرضه، وكيفية تقديمه »(118)
    فالصورة عنده عرض أسلوبي يحافظ على سلامة النص من التشويه ، ويقدم المعنى بتعبير رتيب ، وهي بعد طريقة لاستحداث خصوصية التأثير في ذهن المتلقي بمختلف وجوه الدلالة التي يستقيها من النص في منهج تقديمه ، وكيفية تلقيه ، وما يحدثه ذلك عنده من متعة ذهنية ، أو تصور تخييلي نتيجة لهذا الغرض السليم .

    سي دي لويس:
    يعرف الصورة على أنها: "رسم قوامه الكلمات المشحونة بالإحساس والعاطفة"(119)
    فهي عنده لوحة فنية تتضافر على إخراجها الألفاظ، سواء بمدلولها الحسي، أم بمدلولها الإيحائي متناسياً أن كثيراً من المشاهد والرسوم تبدو مفتقرة إلى الصورة الفنية وإن ظهرت في شكل كلمات0
    ويبين أهمية الصورة، فيقول: يبدو أنني وجدت الصورة الشعرية لأنني راغب في تناول الموضوع الذي يلقي ضوءأً على الشعر في زمننا هذا"(120)

    ومن كل ما سبق فإن الصورة الشعرية – عند الباحث - تعني الأداة التي يعبر بها الشاعر عن تجربته، وأساسها إقامة علاقات جديدة بين الكلمات في سياق خاص يطرح دلالات جديدة في إطار من الوحدة والانسجام مع اعتبار العاطفة وإيحاءها سواء أكانت الصورة حقيقية أم مجازية0

    بشرى موسى صالح:
    تبين الباحثة صعوبة تحديد وتعريف مصطلح الصورة بقولها: "عانت الصورة الشعرية اضطراباً في التحديد الدقيق مصطلحاً مستقراً حتى بدت تحديداتها غير متناهية، وصار غموض مفهومها شائعاً بين قسم كبير من الدارسين"(121)
    وتعني الصورة عندها: "التركيبة اللغوية المحققة من امتزاج الشكل بالمضمون في سياق بياني خاص أو حقيقي موحٍ وكاشف ومعبر عن جانب من جوانب التجربة الشعرية"(122)


    أهمية الصورة:
    تستمد الصورة الشعرية أهميتها مما تتمثله من قيم إبداعية وذوقية وتعبير متوحد مع التجربة ومجسد لها، وهذا يعني أن الشعر في جوهر بنائه ليس مجرد محاولة لتشكيل صورة لفظية مجردة، لا تتغلغل فيها عاطفة صاحبها، فهي في جانب كبير منها سعي لإحداث حالة من الاستجابة المشروطة بفنية البناء الشعري0
    فالقدرة على التصوير هي "أهم موهبة يمتلكها الشاعر"(123)
    وإذا استعرضنا طائفة من أقوال النقاد في بيان أهمية الصورة، فإننا نجدهم يقولون: "إن الشعر لا يكون شعرا إلاّ بالصورة،(124) فالصورة هي البنية المركزية للشعر،(125) ووسيلته،(126) وروحه، وجوهره الثابت وجسده.(127) إنها "جوهر العالم وقطب رحى الوجود"،(128) و"سر عظمة الشعر وحياته، وأحد العناصر الأساسية الهامة بالنسبة إلى نظرية الأدب.(129) إن في الصورة "أكبر عون على تقدير الوحدة الشعرية، أو على كشف المعاني العميقة التي ترمز إليها القصيدة".(130)

    ويقول الناقد نفسه: "إن الصورة هي التي تُميّز شاعراً من آخر، كما أن طريقة استخدامها هي التي يختلف فيها الشعر الحديث عن القديم00إنها هي عنان الشاعرية"(131)

    ويرى (باسترناك): "أن الصورة هي النتاج الطبيعي لقِصَر عمر الإنسان وفداحة الأمانة التي حملها، وهذا هو الذي يرغمه على النظر في كل شيء بعين النسر المحيطة، وعلى الترجمة عن مخاوفه المباشرة بصيحات موجزة، وهذا هو جوهر الشعر"(132)
    ثم يعود قائلاً: "الإنسان صامت، والصورة هي التي تتكلم إذ من الواضح أن الصورة هي التي تقوى على مجاراة نبضات الطبيعة، فالصورة ليست أداة تُعطى للشاعر لتصوير العالم، بل هي نفسها العالم، وهو يقدم نفسه في صورة شعرية"(133)

    وكذلك يعتبرها البعض أساس القصيدة ، وسبب سموها: "إن كلمة الصورة قد تم استخدامها خلال الخمسين سنة الماضية، أو نحو ذلك كقوة غامضة، ومع ذلك فإن الصورة ثابتة في كل القصائد، وكل قصيدة هي بحد ذاتها صورة، فالاتجاهات تأتي وتذهب، والأسلوب يتغير كما يتغير نمط الوزن حتى الموضوع الجوهري يمكن أن يتغير، ولكن الصورة باقية كمبدأ للحياة في القصيدة، وكمقياس رئيسي لمجد الشاعر"(134)
    ثم يستطرد قائلاً: "إن الصور بحد ذاتها هي سمو وحياة القصيدة"(135)

    ويقول ناقد آخر: "اللغة الشعرية عمادها الصورة والإيقاع، فالصورة الشعرية هي القوة البانية بامتياز، فهي تعيد بناء العالم عن طريق محاكاته – الصورة النقلية – وإما عن طريق تهديمه وتكسير هندسته – الصورة الرؤيوية-"(136)

    من هنا لم تعد الصورة الفنية أداة تزيين أو جزءاً يمكن الاستغناء عنه في العمل الإبداعي كما كان ينظر إليه سابقاً بل تحولت إلى "أداة تطور المعاني وتكشف الموضوع وتبلور الحالات والمواقف وهذا النوع من الصورة الشعرية هو الأكثر اكتمالاً وأهمية، وبه تتحول الصور إلى نسيج شعري لا تقوم القصيدة بدونه... وعدت الموضوع الكلي والأثر الذي يريده الشاعر أن يوصله لقارئه"(137)

    ويبين اليافي أهمية الصورة، فيقول: "والصورة – من جهة أخرى – تكون أفضل أداة للتعبير، أو أداة التعبير الوحيدة عن الشخصية وواسطة تفكيرها ورؤاها"(138)
    ثم نجده يقول:"إن لغة الفن انفعالية، والانفعال لا يتوسل بالكلمة وحدها، وإنما يتوسل بوحدة تركيبية معقدة حيوية لا تقبل الاختصار نطلق عليها اسم (الصورة)، فالصورة إذن هي واسطة الشعر وجوهره، وكل قصيدة من القصائد وحدة متكاملة تنتظم في داخلها وحدات متعددة هي لبنات بنائها العام، وكل لبنة من هذه اللبنات هي صورة تشكل مع أخواتها الصورة الكلية التي هي العمل نفسه"(139)
    وأخيراً ننقل رأي رتشاردز الذي وجهه لمن يكتبون عن الصورة: "لأن تقدم بحثاً ملؤه الأخطاء في مثل موضوع الصورة خيرٌ من ألا تقدم شيئاً على الإطلاق"(140)

    وظيفة الصورة:
    إن الحديث عن وظيفة الصورة في الشعر طويل ومتشعّب، ولكننا نستطيع أن نحصر أهم هذه الوظائف في النقاط التالية:
    1 - تصوير تجربة الشاعر أوّلاً، فالشاعر، شأنه شأن أيّ فنان، يعيش تجربة تولّد في نفسه أفكاراً وانفعالات تحتاجُ إلى وسيلة تتجسد فيها، هذه الوسيلة هي الصورة. فالصورة هي "الوسيلة الفنية الجوهرية لنقل التجربة، في معناها الجزئي والكلّي"(141)
    والصورة، إذ تمثّل تجربة الشاعر، إنما تمثّل أفكاره وعواطفه ولهذا لا بدّ لنا، ونحن نتحدث عن دور الصور في نقل تجربة الشاعر من الوقوف عند عناصر هذه التجربة: الأفكار والعواطف وغيرها0
    فأفكار الشاعر وعواطفه تبقى جامدة لا قيمة لها ما لم تتبلور في صورة، "فالصورة هي الوسيلة الفنية الوحيدة التي تتجسّد بها أفكار الفنان وعواطفه"(142)
    ولكن هذا لا يعني أن الإنسان لا يمكنه التعبير عن تجربته بغير الصورة، فهناك وسائل أخرى غيرها، لكنّ كلامه حينئذ لن يكون فنّاً ولا أدباً، فهذا هو الفارق الجوهري بين التعبير العادي والتعبير الفني، فالكلام لا يكون فنّاً إلاّ إذا اتخذ الصورة وسيلة للتعبير عن التجربة.
    وبواسطة الصورة، "يشكل الشاعر أحاسيسه وأفكاره وخواطره في شكل فني محسوس، وبواسطتها يصور رؤيته الخاصة للوجود وللعلاقات الخفية بين عناصره‏"(143)
    والشاعر - إذ يتخذ من الصورة وسيلة لنقل تجربته - إنما يفعل ذلك لأن "إحساسه بالكون وروحه يغاير إحساس الشخص العادي، هذا من جهة، ولأن الألفاظ ومدلولاتها الحقيقية قاصرة عن التعبير عما يشاهده في حياته النفسية الداخلية من مشاعر، من جهة ثانية"(144)
    وتبقى الصورة قاصرة، إنْ هي اكتفت بتصوير تجربة الشاعر، إذ ما الفائدة إن كان الشاعر قد أجاد تصوير تجربته، لكنه لم يستطع أن يوصلها إلينا؟ لهذا فإن وظيفة الصورة "لا تكتفي بمجرد التنفيس، بل تحاول عامدة أن تنقل الانفعال إلى الآخرين وتثير فيهم نظير ما أثارته تجربة الشاعر فيه من عاطفة"(146)
    2 - وهذا يقودنا للوظيفة الثانية للصورة، وهي: إيصال التجربة إلى الآخرين، "فالصورة وسيلة الشاعر في محاولته إخراج ما بقلبه وعقله أولاً، وإيصاله إلى غيره ثانياً"(147)
    يقول أحمد الشايب في ذلك: "وهذه الوسائل التي يحاول بها الأديب نقل فكرته وعاطفته معاً إلى قراّئه أو سامعيه تُدعى الصورة الأدبية"(148)
    إن مهمة الشعراء -إذن - أن يثيروا بألفاظهم المختارة وصورهم الجيدة كل ما يمكنهم أن يثيروه في أنفس القراء، من مشاعر وذكريات ولكن، لماذا يعمد الشعراء إلى الصورة للتأثير في نفس السامع؟ ألا توجد هناك وسيلة أخرى؟
    يجيب حفني محمد شرف عن هذا السؤال بقوله: "إن النفس الإنسانية مولعة بكل ما هو جميل، لذلك تضيق النفس بالصور التقريرية الفجة الساذجة، أما المجاز فهو يكسو الصور الأدبية جمالاً وروعة تجذب إليه النفوس"(149)
    3 - "الصورة تمكن المعنى في النفس – لا عن طريق الوضوح – ولكن عن طريق التأثير"(150)
    4 - "تجسد الصورة ما هو تجريدي، وتعطيه شكلاً حسياً"(151)
    فالشاعر - في استخدامه الصورة للتعبير عن تجربته وإيصالها إلى الناس- إنما يعمد إلى تجسيد ما هو تجريدي، وإعطائه شكلاً حسياً، "إنه في عمله هذا "يوضح الصور والأفكار والمثل بطريقة عينية"(152)
    وهو بذلك يعيد خلق الواقع من جديد وبصورة جديدة قد تفوق الواقع نفسه جمالاً وتأثيراً0
    5 - "بما أن الصورة ترتكز على مادة، فإنها تمتلك الأشياء وتجسد الانصهار بين الذات والموضوع، وتحيل الحقيقة الزمنية إلى حالة غير محدودة في الزمان والمكان"(153)
    6 - وعند جابر عصفور، تتلخص وظائف الصورة في: "
    أ - إقناع المتلقي بفكرة من الأفكار، أو معنى من المعاني، كما أنها وسيلة للشرح والتوضيح، وهو ما كان يُسمى قديماً (الإبانة)0
    ب - المبالغة في المعنى، والتأكيد على بعض عناصره الهامة0
    ج - التحسين والتقبيح، وهو يعني في البلاغة غير ما يعنيه المعتزلة، فيعني – في البلاغة – ترغيب المتلقي في أمر من الأمور، أو تنفيره منه، وتتحقق هذه الغاية عندما يربط البليغ المعاني الأصلية التي يعالجها بمعانٍ أخرى مماثلة لها، لكنها أشد قبحاً أو حسناً0
    د - تحقيق نوع من المتعة الشكلية في ذاتها، وليست وسيلة لأي شيء آخر"(154)
    7 - ويرى علي علي صبح أن وظيفة الصورة الفنية تتلخص في: "

    أ – توصيل الفكر التجريدي ومعانيه الذهنية إلى الآخرين خبراً وإعلاماً0
    ب – الصورة أقدر الوسائل على نقل الأفكار العميقة والمشاعر الكثيفة في أوفر وقت وأوجز عبارة0
    ج – عرض الحقائق المعروفة والواقع المألوف في صورة حية، ونمط روحي لأنها نتجت من معامل التجربة الإنسانية في الشاعر، فكانت مولوده الحي0
    د – الصورة تعمق المحسوسات، وتبعث الحياة في الجمادات0
    هـ - الصورة تدفع إلى الإثارة والشعور باللذة، فتحقق السعادة التي ينشدها الإنسان"(155)

    8 – ويعتبرها أحد الباحثين الطريق إلى قلب المعنى، أو إلى ما يسميه (معنى المعنى)، "يعدُّ من النتائج المترتبة عن نشاط وفاعلية الصورة في اللغة الشعرية بمستوياتها المختلفة وفي قارئها، فعن طريق الصورة-كآلية استراتيجية في صياغة العالم- ينتقل النص الشعري من الأحادية الدلالية إلى التكثر والتشظي الدلاليين وبكلمة أدق إلى"معنى المعنى"، ويخرق بذلك توقعات القارئ"(156)
    9 - إن الصورة بمختلف أنواعها قادرة على إقامة علاقات جديدة بين الألفاظ، واستحداث استعمالات لغوية مبتكرة، تقود حتماً إلى خلقٍ صورى جديد ليس على مستوى الدلالات الوظيفية أو المعنوية المعروفة فحسب وإنما على مستوى الدلالات النفسية أيضاً وفي هذا الصدد يذهب ناقد معاصر إلى "أن للصورة مستويين.. هما المستوى النفسي والمستوى الدلالي"(157)
    10 – كذلك من وظائف الصورة أنها لا تنقل المعنى فحسب، بل تجعل لصاحبها رؤية خاصة في نقل هذا المعنى "فالصورة الجيدة تعمل إذن على خلق إدراك متميز للشيء، خلق رؤيته، وليس التعرف عليه"(158)
    ثم يعود الباحث نفسه قائلاً: "إن قدرة الصورة على خلق رؤية متعمقة وواعية للواقع لن يحدث إلا بمعارضة حرفية اللغة المعيارية/العادية وعموميتها، فالتعبير الحرفي/ الحقيقي أقرب إلى المباشرة والتقرير وإلى الوظيفة النفعية/ التوصيلية، ومن هنا يلجأ الشاعر إلى لغة المجاز/ الصورة بما تمتلك من كثافة وثراء، ومن قدرة أعظم على الإيحاء والتأثير"(159)

    ------ المراجع --------
    (102) محمد حسن عبد الله، المرجع السابق ، ص 23
    (103) غورغي غاتشف، الوعي والفن، دراسات في تاريخ الصورة الفنية، ترجمة نوفل نيوف، مراجعة سعد مصلوح، عالم المعرفة، الكويت، العدد 146 فبراير 1990م، ص 11
    (104) إبراهيم أمين الزرزموني، الصورة الفنية في شعر علي الجارم، ص98
    (105) ريتا عوض، بنية الشعر الجاهلي، ص 18
    (106) ريتا عوض، المرجع السابق، ص 40
    (107) محمد حسن عبد الله، المرجع السابق ، ص 27
    (108) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، ص 432
    (109) بشرى موسى صالح، الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث، ص 97
    (110) علي عشري زايد، عن بناء القصيدة العربية الحديثة، مكتبة النصر بحرم جامعة القاهرة، الطبعة الثالثة، 1993م، ص 98
    (111) نعيم اليافي، مقدمة لدراسة الصورة الفنية، ص 87
    (112) الولي محمد، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 298
    (113) الولي محمد، المرجع السابق، ص 213
    (114) أحمد حسن الزيات، دفاع عن البلاغة، عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الثانية، 1967م، ص 62
    (115) أحمد الشايب، أصول النقد الأدبي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1973م، ص 248
    (116) أحمد الشايب، المرجع السابق، ص 250
    (117) عبد القادر القط، الاتجاه الوجداني في الشعر المعاصر، مكتبة الشباب، القاهرة 1978م، ص 435
    (118) جابر عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي، ص392
    (119) سي دى لويس، الصورة الشعرية، ترجمة أحمد نصيف الجنابي وآخرين، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، بغداد 1982م، ص23
    (120) سي دي لويس، الصورة الشعرية، ص 20
    (121) بشرى موسى صالح، الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث، ص 19
    (122) بشرى موسى صالح، المرجع السابق، ص 20
    (123) س. م. بورا، الخيال الرومانسي، ترجمة جابر أحمد عصفور، مجلة الأقلام، بغداد، العدد 12 أيلول 1976- ص37
    124-انظر: محمد غنيمي هلال: دراسات ونماذج في مذاهب الشعر ونقده، ص 73
    125-رينية ويلك، وأوستن وارين، نظرية الأدب، ترجمة محي الدين صبحي، مراجعة حسام الدين الخطيب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الثانية 1981م، ص 239
    126- عبد القادر الرباعي، الصورة الفنية في شعر أبي تمام، ص 41
    127-جابر عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي، ص 7
    128-عبد القادر الرباعي، الصورة الفنية في شعر أبي تمام، ص 42
    129- رينية ويلك، وأوستن وارين، نظرية الأدب، ص 246
    130-إحسان عباس، فن الشعر، ص 230
    (131) إحسان عباس، فن الشعر، ص 230
    (132) عبد الرحمن بدوي، في الشعر الأوربي المعاصر، ص 74
    (133) عبد الرحمن بدوي، المرجع السابق، ص 75
    (134) سي دي لويس، الصورة الشعرية، ص 20
    (135) سي دي لويس، المرجع السابق، ص 20
    (136) ساسين سيمون عساف، الصورة الشعرية، وجهات نظر عربية وغربية، دار مارون عبود، بيروت، الطبعة الأولى 1985م، ص 115
    (137) محسن أطميش، دير الملاك، دراسات نقدية للظواهر الفنية في الشعر العراقي المعاصر، دار الرشيد، بغداد، 1982، ص 268
    (138) نعيم اليافي، تطور الصورة الفنية في الشعر العربي الحديث، ص 99
    (139) نعيم اليافي، المرجع السابق، ص 39
    (140) نعيم اليافي، المرجع السابق، ص 9
    (141) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، ص 442
    (142) نعيم اليافي، مقدمة لدراسة الصورة الفنية، ص 18
    (143) علي عشري زايد، عن بناء القصيدة العربية الحديثة، ص‏98
    (144) شوقي ضيف، في النقد الأدبي، دار المعارف، القاهرة، الطبعة السادسة، د0ت، ص 150
    (146) شوقي ضيف، المرجع السابق، ص 151
    (147) عبد القادر الرباعي، الصورة الفنية في شعر أبي تمام، ص 18
    (148) أحمد الشايب، أصول النقد الأدبي، ص 242
    (149) حفني محمد شرف، الصور البيانية، دار نهضة مصر، القاهرة، د0ت، ص 221
    (150) عبد الفتاح صالح نافع، الصورة في شعر بشار بن برد، ص 79
    (151) الطاهر مكي، الشعر العربي المعاصر، روائعه ومدخل لقراءته، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثانية، 1983م، ص 83
    (152) عبد الرحمن بدوي، في الشعر الأوربي المعاصر، مكتبة، الأنجلو المصرية، القاهرة، 1965م، ص 72
    (153) ساسين سيمون عساف، الصورة الشعرية، وجهات نظر عربية وغربية، ص 116
    (154) جابر عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي، ص 403، وما بعدها بتصرف
    (155) علي علي صبح، الصورة الأدبية تأريخ ونقد، ص172، وما بعدها بتصرف0
    (156) خالد حسين حسين، جماليات الصورة الشعرية، مجلة الموقف الأدبي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، العدد 335، مارس 1999م، ص 26
    (157) كمال أبو ديب، جدلية الخفاء والتجلي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثالثة، 1984م ص 22
    (158) شكري الطوانسي، مستويات البناء الشعري عند محمد إبراهيم أبو سنة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الأولى، 1998م، ص 366
    (159) شكري الطوانسي، المرجع السابق، ص 366




    عہہشقہہي جنونكہہ
    عہہشقہہي جنونكہہ
    { مًـرآقبُ ع ـآم }


    عدد المساهمات : 130
    السٌّمعَة : 9
    تاريخ التسجيل : 29/10/2010
    الموقع : الريآض

    مفهوم الصور Empty رد: مفهوم الصور

    مُساهمة من طرف عہہشقہہي جنونكہہ السبت أكتوبر 30, 2010 8:59 am

    مشش‘ـكور ومآقصص‘ـرت ..

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 9:51 pm